إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
محاضرة في حقيقة الالتزام
5424 مشاهدة
أدلة التمسك بالكتاب والسنة

فالآيات التي تأمرنا بالتمسك كثيرة، وكذلك الأحاديث، الله تعالى يأمرنا بمثل قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا الاعتصام: هو اللزوم، لزوم الشيء والتمسكُ به، وحبل الله تعالى هو السبب الذي يوصل إلى رضاه، يوصل إلى ثوابه، يوصل إلى جنته ودار كرامته، سماه الله تعالى حبلا في هذه الآية؛ لأن من تمسك به نجا، ومن أخل به اختل تمسكه, واختل سيره.
كذلك في آية أخرى, يقول الله تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا سمى الله هذه الطريقة تمسكا, وفي الآية الأولى اعتصاما، فالتمسك: هو قبض الشيء، والقبض عليه باليدين، وكذلك بكل ما يستطيع أن يمسك به.
لا شك أن هذا مما أُمرنا به أن نمسك بشرع الله تعالى اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى جعل الله هذه العروة الوثقى تتكون من أمرين: الكفر بالطاغوت, والإيمان بالله، فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ولا حاجة بنا إلى أن نفسر الطاغوت، وكذلك الإيمان بالله؛ لكون ذلك واضحا جليا، ولكن نقول: إن التمسك هو القبض على الشيء قبضا مُحكما، قبضا بكل ما يستطاع.
وهكذا سماه الله تعالى استقامة في آيتين من القرآن: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا الاستقامة هي: السير السوي الذي ليس فيه اعوجاج، وليس فيه أية انحراف، هذا هو الاستمساك, وهو الاستقامة.
وكذلك في الحديث الصحيح الذي في صحيح مسلم عن سفيان بن عبد الله أن رجلا قال: يا رسول الله -أو أنه قال: يا رسول الله- مُرني بأمر لا أسأل عنه أحدا بعدك؟ فقال: قل آمنت بالله ثم استقم أو: قل ربي الله ثم استقم أمره بأن يستقيم, أي: يسير سيرا سَوِيًّا، ليس في سيره أية انحراف، أو أية مخالفة؛ فهذا حقا هو الالتزام.
وكذلك أيضا أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه الصحيح, في حديث العرباض بن سارية لما قال -عليه الصلاة والسلام- أوصيكم بتقوى الله, والسمع والطاعة، وإن تَأَمَّرَ عليكم عبد؛ فإنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي, وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها، وعَضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة .
هكذا أوصانا أن نتمسك بها، فالتمسك يكون بالأيدي، ولكن قد يَخاف الإنسان إذا تمسك بيديه أن تتفلت السنة من يديه؛ فلأجل ذلك من شدة حرصه يعض عليها بأقاصي أسنانه، من شدة تمسكه يعض عليها مخافة أن تتفلت لماذا؟ لكثرة المعوقات, ولكثرة الشبهات التي قد تضعف تمسكه.
فالإنسان الملتزم والمتمسك هو الذي يقبض على السنة قبضا مُحكما، يقبض عليها بيديه، يقبض عليها بعضديه، إذا خاف أن تفلت منه قبض عليها، ولو أن يعض عليها بأقاصي أسنانه.